روحانية الخط

موضوع: روحانية الخط 8/22/2010, 8:41 am

روحانية الخط
أجانب يتقنون الخط العربي ويستلهمون معانيه فنا

روحانية الخط 03-3

الأمريكي زكريا خط لوحة أهداها أوباما لخادم الحرمين الشريفين

للخط العربي روحانيته، خصوصا عندما يتناغم الحرف مع قدسية المعنى، أو يكتب به أجزاء من القرآن الكريم، أو شيء من الأثر النبوي الشريف، أو الحكم والمواعظ وأقوال أرباب العلم، فتراه يشع حكمة، ويضفي روحانية على من يقرؤه أو يشاهده. وهذا التأثير لم يقتصر على العرب وحسب، بل امتد لمبدعين من خارج حرف "الضاد"، إلا أنهم أبدعوا في رسم الحرف العربي، وكأنهم تشربوا به منذ نعمومة أظافرهم، وهم بذلك تفوقوا على عدد كبير من الخطاطين العرب، فضلا عن عامة الناس، ممن يجهلون أسرار هذا الخط، ولا يقفون عنده، أو يتأملونه.

الأمريكي العاشق
محمد زكريا، خطاط أمريكي مسلم ولد عام 1942، في مدينة "فنتورة"، بولاية "كاليفورنيا"، وهو يعتبر أشهر خبير أمريكي في فن الخط العربي. زكريا درس الهندسة، إلا أن حياته تغيرت بعد رحلته إلى المغرب عام 1964، حينها اعتنق الإسلام قبل أكثر من ثلاثين عامًا، و بدأ اهتمامه باللغة العربية.

مشوار الحرف
في عام 1961 بدأ زكريا في تعلم اللغة العربية ودراسة فن الخط الإسلامي. وكان في سن الـ19، متنقلا بين المغرب وإسبانيا وإنجلترا، حيث بقي لبضع سنوات يدرس فن الخط والمخطوطات، في المتحف البريطاني. بعدها سافر إلى تركيا، متعرفا هناك على تجارب جديدة، مما أهله في وقت باكر للحصول على جائزتين تقديريتين، حتى ذاع صيته بين أوساط الجالية العربية والإسلامية في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الأول من سبتمبر 2001، صدر من مكتب البريد الأمريكي أول طابع بريدي إسلامي، رسمه وصممه زكريا، للاحتفال بعيد الفطر، وما زال هذا الطابع يصدر باستمرار.

يركز زكريا في المقام الأول على اللغة العربية الفصحى، والخط العثماني التركي. ويجمع بين المعايير الكلاسيكية الإسلامية، مع حساسية الأساليب الحديثة، لإنتاج أعمال متميزة، جعلته يحوز على رخصتين في فن الخط العربي والغربي. وبات أمرا طبيعيا أن تجد عددا من أعماله ضمن المقتنيات في المتاحف والمعارض في مدن عدة، مثل: الظهران، وإسطنبول، وسنغافورة، وهاواي، وواشنطن، ونيويورك، وسواها .

روحانية الخط 03-1

صانع الأحبار والإسطرلاب
أبدع محمد زكريا في فن الخط العربي بأنواعه المختلفة، وكذلك في الزخرفة والتذهيب. كما أنه ماهر في صناعة الأحبار على الطريقة العربية التقليدية القديمة، والصبغات الذهبية. وفوق كل ذلك، فهو من خيرة من يعمل الورق "المجزع" الذي يسمى (الآبرو) بألوان وأشكال بديعة. وقد برع كذلك في صنع الآلات القديمة، مثل: الساعة الشمسية، والإسطرلاب العربي، والقبة السماوية على الطراز الإسلامي، وبعض إنتاجه معروض في عدد من متاحف العالم، حتى إن معرض "أرامكو" السعودية، لا يزال يحتفظ بـ"إسطرلاب" من صنع زكريا، منذ 25 عاماً.

هدية أوباما
يتحدث زكريا إلى "الوطن"، عن اللوحة التي قدمها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، هدية إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، منتصف العام الماضي، معتبرا أنه "شرف عظيم" أن تحمل اسمه، رغم إنجازه لها بسرعة، موضحا أن "الرئيس أوباما هو من اختار الآية، لفهمه القرآن الكريم".

روحانية الخط 03-5

الخطاط اليساري!
لم يكن محمد زكريا هو الوحيد غير العربي الذي عشق "الحرف"، فهنالك خطاط آخر يدعى فرهاد، ويعروف بـ"الخطاط فرهاد اليساري"، كونه يخط بيده اليسرى. فرهاد يعتبر تركيا وإسطنبول "عاصمة الخط العربي، ومركز تراث إسلامي مهما"، كونها تمتلك عددا كبيرا من الخطاطين الذين انحدروا من أسر اشتهرت بالخط، أباً عن جد، إضافة إلى وجود المدارس الرسمية وغير الرسمية، والتي لكل واحدة منها نهجها وأسلوبها في الخط.

المعلمُ الأول
بدأ فرهاد بتعلم اللغة العربية في كلية "الإلهيات"، بعدها توجه مسافرا الى إسطنبول، قاصدا معلم الخط المعروف حسن شلبي، فدرس على يده خط "الثلث"، و"النسخ"، و"التعليق"، طوال أربع سنوات، بعد أن كان يرسم بألوان "الجواش"، و"الإكريلك"، قبل توجهه إلى الفنون الإسلامية، والتي يرى أنها تتكامل مع بعضها البعض، ناسجة علاقة حب خاصة تربط فرهاد باللغة العربية وفنونها، رغم عدم إجادته لها جيدا. وسبب هذا العشق عائد لكونها "لغة القرآن"، يضاف إلى ذلك أن عددا كبيرا من مفردات اللغة التركية، هي بالأساس عربية. ويفضل فرهاد كتابة الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة، كون الآيات تجعله يتدبر ويتفكر في معانيها، طامحا إلى كتابة المصحف الشريف.

جدية التعلم
بالرغم من أن الدراسة متاحة الآن عبر الإنترنت والوسائل الحديثة، إلا أن فرهاد يرى ضرورة أن تكون دراسة الخط العربي بشكل متواصل ومباشر، كون الدراسة عن بعد لا تحقق الهدف المنشود منها، وهو في هذا الصدد، ينصح المهتمين بالخط في السعودية، بالقدوم إلى تركيا للدراسة هناك، كاشفا وجود عدد من المدارس المهمة والعريقة، حيث تتوافر أكثر من 100 مدرسة، والتي من أهمها مدرسة الخطاط حسن شلبي، وكذلك الأستاذين داود بكتاش، ومحمد أوزجاي. ويوضح فرهاد أنه "يوجد معلمون للخط العربي لا يتكلمون اللغة العربية، في تركيا وإيران، وأفغانستان، وباكستان"، ومع ذلك فلديهم ملكة كتابة الحرف بشكل احترافي.

الزخرفة والتزيين
زينت كورلو، زوجة الخطاط التركي فرهاد، هي الأخرى التقتها "الوطن"، وسمعت منها عن تجربتها، حيث تعلمت الزخرفة منذ عشر سنوات، تعلمت الزخرفة من أشهر المزخرفات التركيات "إيتان"، وهي الآن في طريقها إلى الحصول على الإجازة في فن "الزخرفة الإسلامية"، والتي من خلالها يسمح لها بالتعليم. وتعتبر زينب أن "الزخرفة ليست حكرا على السيدات، حيث يوجد مزخرفون رجال، لكن التميز كان من نصيب الجنس اللطيف" على حد قولها. وتقوم زينب بزخرفة أعمال زوجها فرهاد، موضحة أن الزخارف التي تستخدمها متنوعة، ومنها "الورود"، و"الرومي"، و"زنجرك"، بالإضافة إلى التذهيب الكلاسيكي.

تألق صيني
"اطلبوا العلم ولو كان في الصين"، هكذا قال القدماء، والآن بإمكانك أيضا أن تأخذ الحرف العربي الجميل، من "التنين الصيني"، فالبلد المترامي الأطراف، بات هنالك من بين أبنائه من يتقن كتابة الخط العربي بحرفية كبيرة، ومنهم الخطاط نور الدين برهان، الذي تعلم اللغة العربية في عام 1988.. تعلم اللغة العربية والخط العربي في مسجد شمال الصين، وكانت الكتابة تتم عبر نسخ الكتب، وهي الهواية التي كان يحبها. ويرى نورالدين أن الخط العربي يصعب تعلمه، حتى إنه بقي ثلاثة أشهر محاولا تعلم نطق حرف "الراء"!.
يدرس نور الدين في الوقت الحالي خطي "النسخ" و"الثلث" منذ سنتين، لدى خطاطيّ تركيا، داود بكتاش، وحسن جلبي. ويتوقع خلال ست سنوات أنه سيأخذ "الإجازة"، التي من خلالها سيكتب القرآن الكريم، والذي لم يكتبه خطاط صيني حتى الآن، إلا أنه وحتى ذلك الوقت، يكتب نورالدين الآيات القرآنية، والأحاديث الشريفة، أما الأقوال المأثورة، فلا يكتبها، لـ"عدم فهم الناس لها"، بحسب قوله.

روحانية الخط 03-2

600 متعلم
خلال 10 سنوات، علّم نورالدين قرابة الـ600 طالب، فن الخط العربي في الصين، كان أصغرهم في الـ 16 من عمره، فيما أكبرهم وصل عمره 80 عاما، كاشفا عن أن الصين "تضم عشرة خطاطين يكتبون الخط العربي بأسلوب صيني، مستخدمين ورقا خاصا من الصين، مصنوعا من قشر شجرة التان، ويعيش مئات السنين، وهو مناسب للحبر الصيني".

العربية ليست ضرورة
ترى الخطاطة والمزخرفة "إيتان"، أنه "ليس من الضروري أن أتحدث العربية لكي أمارس الخط، لأن الحديث يتطب حوارا مستمرا مع عرب، حتى أجيد اللغة العربية". وهي رغم ذلك حصلت على جائزتين دوليتين، ولديها إجازتان، واحدة في الخط العربي، والأخرى في فن الزخرفة.

اختلاف في الأسلوب
ترى "إيتان" أن الأعمال الزخرفية التي شاهدتها في معرض "أرامكو" السعودية، مختلفة عن زخرفة الأتراك، في الذوق، والألوان، والأشكال مبينة الفروقات بين المزخرفين في الخليج وتركيا، في كون الأتراك يستخدمون التذهيب في العمل كمادة كلاسيكية، ويستعملون الفرشاة، فيما الفنانون في الخليج يستعملون القلم

الوطن أون لاين

» الخط العربي في خطر
» الخط العربي
» الخط العربي في حضرة محاكم دبي
» امبراطور الخط الفارسى
» الخط مفتاح الهوية وحاله في مصر لا يسر